فِرَق اغتيال ضباط ومسؤولين في المليشيات والنظام السوري السابق

سوريا – المدن
تصاعدت عمليات الاغتيال التي تطال مسؤولين وضباط وعناصر سابقين في المليشيات، وشخصيات بارزة تعرف بولائها للنظام السابق، في مدن سورية عدة.
وبلغ عدد عمليات الاغتيال في حلب وحدها، نحو 20 عملية في الشهر الأخير، كذلك سجلت حماة 15 اغتيالاً لشخصيات من فلول النظام في الفترة ذاتها. وتكررت حوادث الاغتيال أيضاَ في حمص ودمشق وريف دمشق وإدلب ودير الزور ودرعا وفي الساحل السوري، ومعظم من قتلوا من الضباط والعناصر، كانوا قد أجروا تسويات وأطلق سراحهم خلال الأشهر الماضية.
الاغتيالات تتصاعد
في حلب، طالت عمليات الاغتيال أخيراً، عنصراً سابقاً في “الفرقة الرابعة” بحي صلاح الدين، وقتل طبيب في عيادته في شارع فيصل، بعدما هاجمته مجموعة من الأشخاص المجهولين، وتم إطلاق النار عليه بشكل مباشر، كما قُتل نائب رئيس فرع المخابرات الجوية في حلب العقيد زهير بيطار، في ظروف غامضة بالقرب من منزله وسط المدينة. واستهدفت العمليات شخصيات مدنية تُتهم بولائها للنظام المخلوع والعمل لمصلحة فروعه الأمنية، بينهم مختار حي صلاح الدين، ومدير الثانوية الشرعية في منطقة السفيرة بريف حلب.
وقال مصدر في حماة لـ”المدن”، إن “عمليات الاغتيال طالت شخصيات معروفة بولائها المطلق للنظام السابق، ومُتهمة بارتكاب مجازر والمشاركة في معظم العمليات العسكرية، بينهم عناصر كانوا يتبعون لطلال الدقاق، أحد أبرز الشبيحة في المدينة، كما طالت الاغتيالات عناصر سابقين في ميليشيا الدفاع الوطني”. وأضاف المصدر أن “معظم من قتلوا سبق أن قاموا بتسوية أوضاعهم مع الدولة”.
مجموعات تتشكل
خلال الأيام القليلة الماضية، أعلن عن تأسيس مجموعات عدة متخصصة بتنفيذ عمليات الاغتيال ضد عناصر وضباط تابعين للنظام السابق.
وفي منطقة تلكلخ بريف حمص، أعلنت مجموعة تطلق على نفسها “فرقة قناصي الشبيحة”، أنها ستغتال العناصر والضباط و”الشبيحة” السابقين الذين تلطخت أيديهم بدماء السوريين، وفي تلكلخ أيضاَ، اعترف حسين النعيمي، وهو عنصر تابع للأمن العام في وزارة الداخلية السورية، بقتل أحد “الشبيحة” السابقين من أبناء المنطقة.
وقال النعيمي في تسجيل مصور تم تداوله على “فايسبوك”، إن المستهدف كان قناصاً على أحد الحواجز وقتل عمه وصديقه في أوقات سابقة. وأكد أنه تقدم بالعديد من الشكاوى ضد الشخص الذي قام باستهدافه، لكن لم يتم الرد عليه، وتوعد بمواصلة تنفيذ عمليات الاغتيال بحق كل من قتل أو أخطأ بحق أهالي المنطقة.
وفي أعزاز شمال حلب، أعلنت إحدى المجموعات في تسجيل مصور، عن تشكيل ما أسمته “قوة المحاسبة الخاصة”، لمحاسبة الأشخاص الذين أجرموا بحق أبناء المدينة وكانوا في صفوف قوات النظام السابق. وحصرت القوة بحسب بيانها المصور، عملها داخل أعزاز، وتوعدت بملاحقة أهدافها من أبناء المدينة في جميع المحافظات السورية التي فروا إليها.
وفي مناطق إدلب تم تداول اسم تشكيل جديد أطلق عليه مسمى مجموعة “مكافحة الشبيحة”.
غياب المحاسبة
ويرى المحامي مصطفى الخطيب، أن عمليات الاغتيال بحق مسؤولين سابقين في النظام السابق، هي شكل من أشكال الانتقام الفردي الذي يمكن أن يقود إلى مشكلات أمنية دموية، وذلك كله بسبب غياب العدالة الانتقالية، معتبراً أن “السلطة هنا تتحمل مسؤولية مباشرة لأنها أغفلت هذا الملف المهم”.
ويضيف لـ”المدن”، أن “تصاعد عمليات الاغتيال يرجع لأسباب عدة، أهمها، كون المؤسسة القضائية الموجودة في الوقت الحالي هي ذاتها التي كانت في زمن النظام السابق، والتغييرات لا تُذكر، لذا ليس هناك ثقة بالقضاء ما يدفع الناس إلى أخذ ما يرون أنها حقوق بأنفسهم”. أما السبب الثاني، بحسب الخطيب، هو خطأ التسوية التي تمت بموجبها مسامحة الجناة، ويقول: “الدولة يمكن أن تعفو بما يخص الحق العام أما الحقوق الشخصية ليس للدولة حق بالعفو عنها”.
ويشير الخطيب إلى أن “القسم الأكبر من حوادث الاغتيال يجري خلال مواقف انفعالية، لأن ترك الجناة طلقاء يمشون بين الناس وفي الأسواق، وبعضهم ربما يتفاخر بأنه حر طليق ومن دون محاسبة برغم كل المصائب التي ارتكبها، يثير غضب الناس ممن تضرروا خلال السنوات الماضية، إما قُتل أقاربهم أو اعتقلوا أو دُمرت منازلهم بسبب هؤلاء الأشخاص الذين كانوا مقربين من النظام السابق وفروعه الأمنية”.
المخاوف من تصاعد عمليات الاغتيال، جدية جداً، وشريحة واسعة من السوريين ترى أن سببها تأخير العمل بمسار العدالة الانتقالية. ويرى المحامي يوسف حسين، في حديث لـ”المدن”، أنه “يتوجب على الحكومة السورية البدء بمحاسبة المتورطين بدماء الشعب السوري وتركتهم يسرحون ويمرحون على مرأى من أعين ذوي الضحايا، وإلا فسيخرج الآلاف من الذين يريدون ثأرهم وانتقامهم وسيحققونه بأيديهم”. ويرجح أن تستغل ظاهرة الاغتيالات من قبل ما أسماهم “فلول النظام” لتتصاعد أكثر وتسود حالة من التوتر والفوضى الأمنية التي قد تعم البلاد.